البلاغة القرآنية من روائع البيان القرآني المعجز أنه يحذف حرفاً من بعض ألفاظه في موضع ويذكره
في موضع آخر، وحذف هذا الحرف ليس حذفاً اعتباطياً كما أن ذكره ليس مصادفة
عشوائية إنما ذكره لحكمة وحذفه لحكمة.
"تسطِعْ" و"تستطع".
وردت هاتان الكلمتان في قصة موسى والخضر حيث رافق موسى الخضر وأمره بعدم سؤاله عما
يفعله فكان يفعل أموراً يرى موسى أن الخضر فيها مخالف فينكر عليه، فقال له
بعد إنكاره الفعل الثالث: ﴿هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ
بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْراً﴾ [الكهف: 78] بإثبات
التاء.
ثم نبأه بتأويل أفعاله وأخبره أنه لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾" ثم قال له: ﴿ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ
تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْراً﴾ [الكهف:82] بحذف التاء.
وجه الإعجاز البلاغي:
هنا أن المرة الأولى كان موسى في قلق محيِّر جرّاء أفعال الخضر فراعى السياق
القرآني الثقل النفسي الذي يعيشه موسى عليه السلام فأثبت التاء ليتناسب مع
الثقل النفسي لموسى، الثقل في نطق الكلمة بزيادة الحرف. وحذفه في المرة
الثانية بعد زوال الحيرة وخفة الهم عن موسى ليتناسب خفة الهم مع خفة الكلمة
بحذف الحرف الذي ليس من أصل الكلمة.
المرجع :
البرهان في علوم القران للزركشي
شكرا على الزيارة والسلام عليكم